None
مقابلة

الانعكاس ما بين الفراغ: شاهة الخليفي

أجرت مريم حسن آل ثاني مقابلة مع شاهة الخليفي بالتزامن مع معرض تصوير٢٠٢١الانعكاس ما بين الفراغ.

المشاركة مع صديق

مريم حسن آل ثاني:

يشكّل التقاء التصوير الفوتوغرافي بالهندسة المعمارية موضوعاً متكرّراً في عملك، فقد ظهر في معرض سابق عنوانه "هنا هناك"(Here/There) وفي خلال فترة عملك في محطّة الإطفاء في الدوحة، وهو يظهر الآن في معرضك في قصر الريان كجزء من البرنامج الافتتاحي لمهرجان تصوير في قطر. هل يمكنكِ إخبارنا المزيد عن هذا التلاقي بين التصوير الفوتوغرافي والمجال الفضائي في عملك؟

شاهة الخليفي:

كنت مهتمّة جدّاً بتطوير التصوير الفوتوغرافي من وسيط ثنائي الأبعاد تقليدي إلى فضاء ثلاثي الأبعاد، وكأنّني أحوّل الفضاء المعماري إلى الطريقة التي أعرض فيها عملي. فبدأت أعمل بمواد مختلفة واكتشفت أنّ طباعة الصور في طبقات زجاجية وعليها منحني هذا التأثير الفضائي الذي أنشده. فقد أردت إضافة المزيد من العمق إلى الصور، عبر إضافة طبقة ثالثة، وجعلها جزءاً لا يتجزّأ من تجربة المشاهدة. لذا قرّرت أن أضمّ موادّ مثل الزجاج والمرايا إلى أعمالي. لدي بعض الاستكشافات التي قمت بها باستعمال الزجاج لكنّني لم أعرضها يوماً، بيد أنّني كنت ألجأ إلى الطباعة على الزجاج. عبر استخدام مواد مختلفة على غرار الزجاج والمرايا وعبر تحقيق التأثير الإسقاطي من خلال الإضاءة، أضاف الزجاج نوعاً ما عنصراً ثالثاً إلى عملي. وكان يهمّني كثيراً أن أقوم بذلك فتابعت باعتماد هذه الطريقة في أعمالي التي تلت معرض "هنا هناك" (Here/There) والتي تُعرض الآن في قصر الريان. وقد منحتني عملية استكشاف القصر من ناحية معمارية إلهاماً كبيراً لمتابعة العمل باستخدام هذا الوسيط، وذلك كطريقة لتقليد الظلال والإنارة داخل القصر ولإضافة الفضاء الذي هو عبارة عن عنصر ثالث في المطبوعات الفوتوغرافية الثنائية الأبعاد.

مريم حسن آل ثاني:

تحبّين العمل بمواد تعطي أشكالاً تتغيّ. هل بدأ اهتمامك بالهندسة المعمارية ثمّ انتقلت للتفكير في طرق لتوثيق الفضاء بواسطة التصويرالفوتوغرافي أم هل بدأ مع هذا الاستكشاف للعوامل المادية؟ هل كنتِ مهتمّة بالفضاءات وتحوّل هذا الأمر إلى عملك الفنّ الخاص المتعلّق بصناعة الصور؟

شاهة الخليفي:

لقد كانت عملية توثيق للهندسة المعمارية بدون شكّ. كانت الفكرة تتمحور حول رؤية الطريقة التي تتغّير فيها مدينة الدوحة وأرشفة هذا التغيير، بالإضافة إلى المواقع التي تشهد عمليات بناء وتغييرات. كان هذا الموضوع الأهمّ بالنسبة إليّ، لكنّني لطالما اهتممت بالفضاءات داخل البيئات المبنيّة وبخلق الفضاءات، لذا أردت أن أجمع بين الفكرتين، أي توثيق الهندسة المعمارية مع عرض عملية إنشاء فضاء لها في الوقت عينه. وكما تحدّثتِ تماماً عن استخدامي لمواد مختلفة، أنا في حوار مع هندسة المدينة المعمارية. فالمباني الجديدة هي عادة عمارات زجاجية مع نوافذ عاكسة، وكأنّه تأثير المرآة الذي يكون فيه الضوء ميزة مهمة في الهندسة المعمارية ويحدّد شكل المباني. من هذا المنطلق، يضيف عملي هذا العنصر إلى الأمر.

مريم حسن آل ثاني:

ما كان ردّ فعلك الأول كفنّانة إزاء الفضاء في قصر الريان؟ عندما قصدنا المكان لزيارته، هل لفتك أمرٌ محدّد؟

شاهة الخليفي:

شعرت بالانبهار للوهلة الأولى عند دخولي القصر، فجماله مذهل، وهو تحفة فنّية بحدّ ذاته. ومع أنّني لم أكن أعرف بعد السياق التاريخي أو الروايات المحكية عنه، لم أرد سوى الوقوف فيه والتمعّن بجماله بصمت. فهو ملفت جدّاً كمبنى وأعتقد أنّه من أهمّ الأمثلة عن الهندسة المعمارية القطرية. ويلقي ذلك مسؤولية ضخمة على كاهلي لاحترام كيان المبنى والمحافظة عليه ولأجهد لكيلا أعكّر صفوه بأعمالي الموضوعة هناك. أردت أن أتابع بتوثيق المبنى بحدّ ذاته وأن أٌبرز مزايا المبنى، مثل تفاصيل الجصّ والتعريشات والمشربيات والقناطر، فكلّ هذه المزايا المعمارية في البنى كانت غاية في الجمال، وما كان بمقدوري تجاهلها بل كان عليّ إبرازها، فأتى مفهوم عملي كانعكاس معاصر على المباني ومزاياها. وأردت التلاعب بواحدة من مزايا القصر، وهي الزجاج القاتم في النوافذ الذي يشكّل عنصراً من عناصر المنازل القطرية التقليدية. فأردت إضافة “لمسة” من الألوان، فأُبرز هذه النوافذ بالزجاج القاتم وأضخّمها مع إدراج الصور أيضاً في الأعمال المعروضة. فهي احتفاء بالهندسة المعمارية القطرية المحلّية. ولم أركّز على روايات القصر التاريخية المحكية بل على جماليات المبنى بحدّ ذاته.

لم أركّز على روايات القصر التاريخية المحكية بل على جماليات المبنى بحدّ ذاته.

– شاهة الخليفي

مريم حسن آل ثاني:

حاولت حثّكِ على توثيق الروايات البشرية، أي عن الناس الذين عاشوا في قصر الريان، لكن هذا ليس ضمن مجال عملك. وأنا سعيدة لأنّك بقيتِ متناغمة مع هويّتك وتفضيلاتك، كشخص يهتمّ بالعناصر المعمارية سواء أفي المواد الأرشيفية أم التاريخ أم أثر بيئة مبنية محدّدة.

شاهة الخليفي:

لقد وثّق جاسم محمد الخليفي قصر الريان خير توثيق، فعمله ملهم جداً لي ومصدر مهمّ لكي أفهم بالضبط كيف تمّ تصميم هذه المباني والسبب لتصميمها بهذا الشكل، فضلاً عن المواد المستخدمة. لقد استوحيت الكثير من ذلك ومن الوثائق المكتوبة عن الهندسة المعمارية القطرية القديمة.

مريم حسن آل ثاني:

بدأنا هذه المشروع في الوقت الذي أصبحت فيه الجائحة العالمية أمراً واقعاً. فهل غيّت هذه التجربة طريقة عملك كفنّانة. وهل ساعدتك على التحلّ بأفكار جديدة أم كبحتها؟

شاهة الخليفي:

كان للجائحة والإغلاق أثرٌ فيّ بدون شك. فقد وضعتني تجربة الجائحة في حالة من عدم الارتياح، فالعمل في هذه الأوقات يسبّب إجهاداً كبيراً، وكان من الصعب جدّاً عليّ أن أجد العمليات والمواد والمشاغل لبلورة أفكاري، وذلك بكل بساطة لأنّني كنت أعمل في خضمّ جائحة. ولم تكن تفاعلاتنا العادية مع الناس بالسلاسة التي نختبرها عادة، وهذا يمنحنا طاقة مختلفة عند السفر وزيارة المتاحف. فأنا أجد إلهاماً أكبر دائماً عندما أسافر وأستكشف المواقع والأماكن، وحرمتنا الجائحة من ذلك. لكن لحسن الحظ، سرت الأمور على ما يرام في نهاية المطاف، ونحن نبذل قصارى جهدنا.

مريم حسن آل ثاني:

هل أرغمتك على التفكير في الأمور بطريقة مختلفة؟

شاهة الخليفي:

لا شكّ في أنّها حثّتني على استكشاف بعض الخيارات المتاحة لنا في الدوحة. فقد اكتشفت المزيد من الأماكن التي يمكنني الاستفادة منها، وهذا أمر جيّد. فحتّ المورّدون هنا يحاولون العثور على حلول لطريقة الاستفادة من الموارد المتاحة لنا هنا في الدوحة، عوضاً عن الاتكّال على دول أخرى للحصول عليها. أشعر بأنّ الجميع يحاول أن يكون أكثر إبداعاً بما هو متيسّ له ويحاول أن يبتكر الأمور محلّياً.

تحميل ملف الـPDF