شارلوت كوتون:
أريد أن أتطرّق أوّلاً إلى المسار الزمني لعملك في مجال التصوير الذي يمتدّ فترة طويلة وملفتة في حكاية التصوير. وتضمّ خلاصةٌ مقتضبة بترتيب زمني، من أواسط العقد الأول من القرن الحالي، الانتقالَ الكامل تقريباً من الفيلم التصويري إلى التقاط الصور الرقمية؛ وتحوّل برنامج فوتوشوب إلى وسيط فنّ بحدّ ذاته؛ وبرنامج ويب ٢.٠ وتوزيع الصور؛ والبروز السريع لمنصّات التواصل الاجتماعي وتطوير تقنيات طباعة وتصوير ثلاثي الأبعاد جديدة. عند تذكّر الماضي، إلى أيّ حدّ تأثّرت خياراتك الفنّية بهذا التغيير الجذري في عمليات التصوير الفوتوغرافي؟
كايت ستيسيو:
لقد انتقلت لاستعمل البرمجيات والشاشات بالصدفة. فقد تراكمت عليّ ديون دراستي الجامعية ورحت أعمل كمساعدة مختبر في استوديو متطوّرلتعديل الصور في العام ٢٠٠٤ . فكنت محاطة بأجهزة الكمبيوتر وبصور التقطها آخرون وبمجموعتي المتنامية من الصورة التي التقطّها بكاميرا الهاتف، لذا تعلّمت أن أعمل باستخدام ما هو متاح. وكانت القيود المالية والزمنية والتقنية التي واجهتها عندما أنهيت دراستي في كلّية معهد شيكاغو للفنون هي بالضبط ما أوصلني إلى العمل الذي أقوم به حالياً. فتآلفت مع برمجيات سطح المكتب لأنّني لم أملك استوديو أم كاميرا. ولأنّني عجزت جسدياً عن القيام بالعمل الذي أردت القيام به، رحت أتسلّ وأرسم علامات وأرسل صوراً مضحكة لأصدقائي، وسرعان ما أخذ أمرٌأكثر جدّية وأهمّية بالبروز. فلم يكن هدفي أو نيّتي يوماً أن أعمل بهذه الطريقة، أي كنتيجة للملل والفضول والدافع الأساسي لعدم البقاء ساكنة بدون أيّ نشاط. ولديّ إيمان كبير بهذا الدافع في نفسي وفي نفس الآخرين. والتصوير الفوتوغرافي والممارسات المتفرّعة عنه مجال ملائم وخصب للغاية لكي يتواصل الناس المعاصرون مع هذا الدافع. فإن كنت تحمل هاتفاً، لا يمكنك أن تلتقط صورة فحسب، بل يمكنك مشاركتها مع أيّ شخص على الفور، وفي نهاية المطاف، المشاركة هي المغزى الحقيقي.
شارلوت كوتون:
استعملتِ صوراً عثرت عليها على الإنترنت ك”مصدر” رئيسي لأعمالك وفي النصّ المخصّص للمعرض. وهنا أقتبس تعريفك للقيمة التي يتّسم بها استخدام الصور الشائعة جداً بنسق ملفّات JPEG باعتبارها “لا كأداة للدقّة بل كسرد قصصي ذاتي”. بداية، أنت تصنّفين ملفات JPEG كوسيط وكعنصر يزخر بالمعاني والسردية ويحدّد المجالُ الواسع من الصورالتشبيكية نظامَها الاجتماعي. تروقني الطريقة التي تربطين فيها النسق الافتراضي لملفّات الصور مباشرة بالمساحة الإبداعية “الذاتية”؟ فكيف تبلغين هذه المساحة؟
كايت ستيسيو:
في مرحلة ما من تجربتي، باتت صور JPEG مفصولة عمّا يمكن اعتباره تقليدياً كصورة. فالشريحة السلبية التناظرية للصورة، كسجّل موضوعي لتفاعل كيميائي، هي ثابتة. في المقابل، صورة JPEG هي في عملية تدمير من دون صورة “أصلية” مرجعية، وهذا برأيي ملفت للغاية. فنسق JPEG هو نظام افتراضي للضغط (سلسلة من البايتات) عوضاً عن الصورة بحدّ ذاتها (التي نخسرها في الضغط الفوري).وآنذاك، كان نسق JPEG وغيره من بروتوكولات الضغط النتيجةَ الافتراضية التي لا مفرّ منها لمعظم تقنيات التقاط الصور المتاحة للمستهلكين. بالتالي، برز منتج ثانوي لصورة ما، وهو عبارة عن نسخة من الصورة “الأصلية” الراسخة في تجربتنا وتوقّعٌ بالنشر عبرالإنترنت ل”أدوات صورية” ستتغيّ مع عملية ضغط لاحقة. ويضمّ نسق JPEG بعض العلامات الجمالية التي تخبر حكاية رحلة الصورة الخاصة في المجال التشبيكي. وفي السنوات الأخيرة، زاد اهتمامي بإدراج هذه العلامات كخيارات جمالية في الأعمال التي أقدّمها. فعوضاً عن محاولة إخفاءهذه الخصائص، أتعاطى مع درجة الوضوح والضغط بالطريقة ذاتها التي يعتبر فيها الرسّام اللزوجة أو الانسياب أو عدم الشفافية كخصائص للوسيط الذي يستعين به.