None
مقابلة

تصوير فوتوغرافي تجريبي: فيكتوريا فو

أجرت شارلوت كوتون مقابلة مع فيكتوريا فو، بالتزامن مع معرض تصوير ٢٠٢١: تصوير فوتوغرافي تجريبي.

المشاركة مع صديق

شارلوت كوتون:

لهو من الرائع يا فكتوريا أن تتسنّ لي الفرصة لأحادثك عن التجربة وفيلمك الرائع "تيليفوا ١" .(Télévoix 1) في بعض الأحيان، فيما كنت أشاهده، أشعر وكأنّني جالسة في الاستوديو لديك وأعمل معك على مكتبك حيث تقومين يدوياً بإعدادات تجريبية بالأضواء والسوائل قبل أن تأخذينا إلى “الخارج” في الطبيعة، فنجمع تسجيلات من الميدان لنأتي بها إلى الاستوديو. “تيليفوا ١” تجربة غامرة. هل يمكنك أن تخبريني عن أهمّية الفيلم بالنسبة إليك وما تأملين أن تكون التجربة للمشاهدين؟

فكتوريا فو:

“تيليفوا ١” عمل يعتمد الصورة المتحركة، والعنوان إشارة شاعرية للعبة الهاتف أو “الهمسات الصينية” التي تجلس فيها مجموعة بشكل حلقة ويهمس الشخص عبارة في أذن الشخص الذي يقع إلى يمينه وبدوره يحاول هذا الشخص تكرار العبارة ذاتها للشخص الذي يقع إلى يمينه وهكذا دواليك. أتصوّر أنّ الصور تؤدّي دور “الأصوات”، أمر حميم وبعيد في الوقت عينه، مع خسارة بعض المعلومات مع كلّ تكرار تالٍ. ويشير أيضاً إلى أمر مؤتمت بالكامل أم غير بشري، ويتطرّق هذا إلى مسألة فقدان نقطة الانطلاق بطريقة مختلفة.

شارلوت كوتون:

يقوم عالم البرمجيات والبيكسل بأتمتة الكثير من الخطوات التي تشكّل، في مجال الأفلام والتصوير الفوتوغرافي التناظري والكيميائي، مسائل قرار ونتائج. ومع أنك فنانة لا تفرّقين بشكل مباشر بين الأفكار التناظرية والرقمية، أودّ أن أعرف إن كنتِ تعتبرين أنّ العمليات الرقمية تفرض المزيد من القيود أو تمنح حرّيات أكبر، وفي أيّ مرحلة من مسارك الإبداعي تشعرين بأنك اعتمدت بالكامل على البرمجيات كمجال إبداعي وتجريبي لك، أو أنك لا تعتبرين ذلك.

فكتوريا فو:

تمّ إعداد صور “تيليفوا ١” عبر تصوير لقطات بعدسة قياس ١٦ ملم لصور شاشة التوقف المرتبطة بالسماء والأطياف ولصور عن السماء الفعلية في أوقات مختلفة من اليوم. وفي خلال التصوير، تمّ تعريض الفيلم السلبي أحياناً للضوء للحصول على شهب بالصدفة في الفيلم ووميض في اللقطات. ثمّ تمّت معالجة اللقطات السلبية باليد، مع ترك الأوساخ والشعر وغيره لكي تتداخل عمداً في عملية معالجة الفيلم، وقد خدشت المستحلبَ للحصول على تأثيرات تركيبية وطلائية واضحة. وفي الاستوديو، التقطت مقاطع فيديو لعدد من الإعدادات للحياة الجامدة ثم دمجت فيها حركات اليد ومواد الشاشة الخضراء من أجل تركيب هذه العناصرمعاً. وفي غرفة التعديل، جمعت لقطات الفيديو عن الحياة الجامدة مع اللقطات الأصلية بعدسة ١٦ ملم، فضلاً عن المقتطفات التي حصلت عليها من الإنترنت ووضعتها كلها في المستوى السينمائي ذاته. من الواضح أنني لا استعمل أدوات ما بعد الإنتاج فحسب بل أُبرز أيضاً دورها القوي في إضافة “السحر” إلى الصورة. ويتمحور الفيديو حول الإيماءات والمكوّنات المختلفة التي يتطلّبها تحضير الفيلم بحد ذاته، كاشفاً عن طبقاته وأصواته.

وتتضمن القرارات الإبداعية التي أقوم بها للأعمال عادة ابتكار الفضاء والزمان السرديين وتدميرهما، وهذا أمر يتم التلاعب به منذ فجر السينما ويجري بالتأكيد ضمن السينما التجريبية والسبّاقة وبات الآن استراتيجية اعتيادية في الإعلام الشائع.

– فيكتوريا فو

شارلوت كوتون:

يحاكي عنوان المعرض "التصوير التجريبي"(Experimental Photography) عمداً الحرية الإبداعية التي تضيفينها أنت والفنانون الآخرون المشاركون إلى بيئة الصورة الرقمية المعاصرة وأيضاً “جوهر” التصوير الفوتوغرافي والأفلام. كيف تصفين علاقتك بتاريخ الوسائط؟ وهل تستوحين منها عمداً؟ وماذا تستخدمين فيها؟

فكتوريا فو:

كما هو الحال مع الكثير من أعمالي بالصور المتحرّكة، هدفي الوحيد هو أن أجعلكِ تفكّرين في عملية المشاهدة وفي بعض الأحيان، تشاهدين نفسك تشاهدين نوعاً ما. وهذه طبعاً ليست بفكرة جديدة، بل هي الحداثة في حالتها الخام والأدنوية التي ترينها انطلاقاً من جسمك والسينما السبّاقة في أبهى حللها. بيد أنّني لست مستعدة للتخلّ عن جاذبية الفيلم الجميل، بل في الواقع أضخّم من هذا الأمر قدرالمستطاع. أريد أن يغمرك المشهد بالكامل لكن مع الحفاظ على صفاء تفكيرك. وهنا تكمن الدينامية التي أصبو إليها: في الوهم وخارجه والحصول على كلّ الإيجابيات و الغوص في السردية والبقاء على إدراك بجسمنا وحركتنا في غرف المعرض.

وتتضمن القرارات الإبداعية التي أقوم بها للأعمال عادة ابتكار الفضاء والزمان السرديين وتدميرهما، وهذا أمر يتم التلاعب به منذ فجر السينما ويجري بالتأكيد ضمن السينما التجريبية والسبّاقة وبات الآن استراتيجية اعتيادية في الإعلام الشائع. وأعتمد هذه الدينامية تبعاً لوتيرة معينة، وهي وتيرة ربما متناغمة مع الطريقة التي أتصفّح فيها الإنترنت وهي استجابة إيقاعية لفترة انتباهي (القصيرة). وتبرز أيضاً في الطبقتَين البصرية والصوتية لكي يتمّ إدخالنا بهدوء في إحدى الطبقتين مع البقاء مدركين بوجود الطبقة الثانية. وتندمج هاتان الطبقتان في مجال سينمائي متناغم لكنها تتداعى في اللحظات التي تُظهر طبقات الصور المسطحةُ نفسها أو عندما يعترض المجال المتصوّر غرضٌ آخر. ومن الأمثلة على ذلك، الشاشة التي تعرض لوناً شبيهاً بلون السماء مع سماع أصوات من الاستوديو فتتولّد هذه التجربة لديك. ويلي ذلك الانغماس في السائل وسقوط يدٍ كبيرة مع صوت عالٍ على زجاج الشاشة.

وغالباً ما تختلط هذه الدينامية بالتركيب المادي لفيلم “تيليفوا ١” وتتسبّب بها. فبعض التركيبات تعكس عمداً الهندسة المعمارية التي تتميّ بها مساحة المعرض والتي يمكن أن تُعتبر طبقة أخرى من طبقات الفيديو، أو يمكن تركيبها على شاشة تشبه التلفزيون لتولّد إحساساً بالمعرفة الكاملة على مستوى “مشغّل الكمبيوتر”. لهذه الغاية، أثّر ظهور الشاشة التي تعمل باللمس كثيراً في عملي في الاستوديو لأنه أضاف عنصراً جديداً للمجالات السينمائية، ألا وهو المستوى الاستجابي واللمسي. أتلاعب بتصوّراتنا وافتراضاتنا بوجود الشاشة التي تعمل باللمس على نطاق سينمائي. فهل يمكننا أن نتوقع أنها موجودة فيما نحن غارقون في سردية؟ هل يمكنها أن تكون سردية في الوقت الذي نجعلها قابلة للتلاعب؟ هذه أنطولوجيا جديدة من عملية المشاهدة، وهي التوقّع بأننا نلمس الشاشة وبأننا نستطيع التلاعب بالصورة وبأنّ شخصاً ما جالس دائماً في موقع “جهاز التحكّم” أو لوحة المفاتيح أو الواجهة البينية اللمسية

شارلوت كوتون:

كيف تصفين تأثير بيئة الصور في الخيارات التي تعتمدينها لعملك أو في المشاهدين الذين تتوقّعين أن يروه؟ أعتقد أنّني أسألك عمّا تريديننا أن نتنبّه إليه.

فكتوريا فو:

في بعض النواحي، تمرّنا على المشاهدة بهذه الطريقة في السنوات الماضية. وأجد صعوبة هذه الأيام مشاهدة فيلم بطوله من دون التفاعل مع شاشة أخرى أو نمط مشاهدة آخر. وقد تغيّ أيضاً الافتراض بأن مشغّلاً خارجياً يتلاعب بالصور التي نشاهدها أو أنّ الصور التي نراها تم تعديلها أو يمكن تعديلها بطريقة ما. وهذا تغيير كبير منذ الفترة التي تسبق “نتفليكس”. وعند التفكير في الموضوع بهذه الطريقة، ربما يمكن أن يكون ذلك ممكّناً، أي المشاهدة مع بقاء كامل القدرات واعية ومتنبّهة ومع المزيد من الخيارات الناشطة ومع القدرة على الغوص وصولاً إلى انخراط أعمق. فهذه تحوّلات أفكّر فيها عندما أبتكر أعمالي، وهي تشكّل خلفيةً للتجارب التي أصنعها.

تحميل ملف الـPDF