None
مقابلة

بيت أمي لولوه: مشاعل الحجازي

أجرت مريم حسن آل ثاني مقابلة مع مشاعل الحجازي بالتزامن مع معرض تصوير٢٠٢١بيت أمي لولوه.

المشاركة مع صديق

مريم حسن آل ثاني:

متى بدأتِ رحلتك التي أدركتِ فيها أنّك مصوّرة فوتوغرافية؟

مشاعل الحجازي:

أعمل في مجال التصوير الفوتوغرافي منذ عدة سنوات، وعثرت مؤخراً على بطاقة عضويتي في مجموعة “لايت” للتصوير الفوتوغرافي في العام ٢٠٠٧. لقد بدأت بالتركيز فعلاً على التصوير الفوتوغرافي وابتكار المشاريع منذ ست سنوات. فكنت في سوق واقف في صبيحة أحد الأيام والتقيت بالصدفة بمجموعة من المصوّرين الفوتوغرافيين المحترفين، وكانوا يستخدمون كاميرا قديمة بالأفلام، ففاجأني ذلك، فسألتهم: “أما زال الناس يستخدمون هذه الكاميرات؟” فأجابوا أنّهم ما زالوا يفعلون ذلك وأنّهم يشترونها من مزادات علنية محدّدة ويظهّرون الأفلام. وفي هذه اللحظة قلت في نفسي إنّه سيكون من الممتع لو استأنفت نشاطي في التصوير الفوتوغرافي، واخترت العمل بالكاميرات بالأفلام وبتظهير الأفلام. فأقوم بجولات تصويرية سيراً على الأقدام في الأحياء القديمة، وهذا ما دفعني إلى الدخول إلى تلك المنازل القديمة التي باتت الآن مساكن للعمال الأجانب في المنطقة. وكان صعباً عليّ كامرأة الدخول إلى هذه المنازل بمفردي، لذا كان عليّ الدخول مع مجموعة. وتتسم المنطقة بنفس شكل الأحياء التي عشت فيها في طفولتي. وقد تغيّت منطقة مشيرب بالكامل، فقد تغيّت من ناحية الناس الذين يقيمون فيها والمنازل القديمة والهندسة المعمارية والمباني بحدّ ذاتها أصبحت متلفة. بالتالي أبصرمشروع “توثيق” النور. و”توثيق” هو المشروع الكبير الأهم الذي أعمل عليه وتتخلّله مشاريع صغيرة مختلفة. ببساطة، “توثيق” هو عملية توثيق للأحياء القطرية القديمة مع التركيز على مناطق محدّدة أيضاً. في البداية، ركّزت على منطقة مشيرب لأنّني قضيت طفولتي فيها وأشعر برابط بها لأنّ لي الكثيرَ من الذكريات الجميلة فيها وأعرف المنطقة خير معرفة. بعد ذلك، بدأت بالتوسّع إلى مناطق أخرى لأنّنا نشهد قدراً كبيراً من التغيير والتطوير في هذه الأحياء التاريخية، إذ أخذت هذه الأزقّة والزوايا تختفي إن لم تكن قد دُمّرت أصلاً. وتمحورت الفكرة بالنسبة إليّ حول توثيق هذه المناطق باعتماد مقاربة تبقى إرثاً للأجيال القادمة. فيطيب لي أن أترك بصمة للأجيال القادمة التي لن يتسنّ لها عيش التجربة في هذه الأحياء العائلية والدافئة التي عاش القطريون فيها في الماضي ولن تحظى بفرصة رؤيتها حتّ، وسأوثّق هذه الأمور من خلال الأبواب أو النوافذ أو حتّ الحيّ عينه.

مريم حسن آل ثاني:

ما الذي منحك الفضول لتصوير هذه الأحياء؟

مشاعل الحجازي:

أكثر ما أثّر فيّ هو أنّني أقلعت عن التقاط الصور لفترة طويلة بسبب انهماكي الدائم في الجامعة ثمّ في عملي. فقد درست العلوم المالية وعملت فيها واستحوذت على كامل انتباهي فتوقّفت عن ممارسة هواياتي الأخرى لكي أركّز على دراستي. لذا عندما أردت العودة إليها منذ ستّ سنوات خلت، اعتقدت أنّني أردت العودة إلى التصوير الفوتوغرافي كمهرب بعيداً عن دراساتي وعملي في مجال المالية، وكأنّني أحصل على استراحة. لكن عندما رأيت مجموعة المصوّرين الفوتوغرافيين تلك، ولّد ذلك رغبة في نفسي في أن أكون معهم، ولا سيّما أنّهم يستخدمون كاميرات قديمة بالأفلام لم أرَ مثلها قبلاً، علماً أنّ إنتاج معظم هذا النوع من الكاميرات قد توقّف وكان عليهم شراؤها من مزادات عالمية. فاستعمال كاميرا بفيلم يحتاج إلى الكثير من التركيز والانتباه لأنّ كلّ فيلم يحتوي على ٣٦ أو ١٢ لقطة. بالتالي، لكل لقطة، ينبغي الانتباه إلى كمّية الضوء والمساحة والموضوع، وهذا يفرض عليك عيش اللحظة، وهذا ما أحببته فعلاً. عندما أصبحت في هذه المجموعة، صرت قادرة على التوجّه إلى تلك الأحياء مع أعضاء المجموعة، وكان معظمهم مصوّرين فوتوغرافيين محترفين. وكان رئيس المجموعة خليفة العبيدي أكثر من رحّب بي وأعطاني دروساً سريعة عن الكاميرات بالأفلام لأنّني لم أكن معتادة على استعمالها، فكنت أستعمل الكاميرا الرقمية. وفي غضون ١٥ دقيقة، شرح لي كلّ ما يلزم عن الفيلم التناظري وأعطاني كاميرا من كاميراته. فالتقطت أولى صوري بهذه الكاميرا، وعندما رأيت الصور المظّهرة انبهرت فعلاً وعرفت عندئذ أنّني أريد أن أتابع في هذا المجال.

مريم حسن آل ثاني:

عندما تتكلّمين على الأحياء والمواضيع التي توثّقينها، ما هي الفكرة التي تبدئين بها؟ فهل هي تفاصيل من الأبواب ثم تصبح طبقة لعملك؟ وكيف تدرسين موضوع الحي؟ مشاعل الحجازي: العامل الأكثر تأثيراً فيّ هو ذكرياتي عن المكان، لأنّني عشت طفولتي في هذه الأحياء. فأدع ذكرياتي توجّه انتباهي إلى الباب وتفاصيله أو إلى النافذة، فمهما شهد الحيّ تغييرات وبدأ المنزل بالتداعي بسبب عوامل طبيعية، يبقى الباب متيناً. جذبني التركيز على الأبواب لأنّني شعرت بأنّ خلف كل باب قصّة وذكرى وأسراراً مخفية. بنظري يحكي هذا الباب الكثير من الكلام. والأمر الثاني الذي وثّقته كان الناس الذين يعيشون حالياً في هذه الأحياء وطريقة قضاء حياتهم اليومية مع الحي. وكما قلت، أعمل مع مشروع “توثيق” لذا فكّرت في توثيق الأحياء القديمة والوضع الحالي مع الحركة التي تحصل بين هذَين الأمرين.

مريم حسن آل ثاني:

كيف كانت تجربتك ورحلتك في برنامج الإقامة في محطّة الإطفاء وكيف استمرّ الأمر نحو معرض النجادة ومشروع “توثيق” الأكبر؟ ما هي نقاط الاختلاف التي قرّرت اعتمادها في المشروع بحدّ ذاته؟

مشاعل الحجازي:

“توثيق” هو المشروع الكبير الذي أعمل عليه، وهو يتضمّن “مشروع الأبواب” الذي قدّمته لإقامتي الفنّية في محطة الإطفاء والذي وثّقت من خلاله الأبواب وذكرياتي في مشيرب بالتحديد. وعندما تواصل مهرجان قطر للتصوير معي، أردت أن أنطلق في نفس روحية المنزل وأن أوثّق الناس في المنزل فأعكس بالتالي فكرة مشروع النجادة. ولاحظت أنّ المنزل يقع في المنطقة التي كنت أوثّقها لنحو ستّ سنوات حتّ قبل ترميم المنزل. وحثّتني كثيراً فكرة شغور هذا المنزل طوال تلك السنوات من دون عائلة تقيم به لكي أقدّم مشروعي بطريقة أستطيع فيها إعادة إحياء المنزل مع عائلة قطرية من يومنا الحالي. وتعتمد التقنيات التي اعتمدتها فعلاً على نوع المشروع الذي أعمل عليه. مثلاً، لاحظت أنّ “مشروع الباب” الذي قدّمته لمشيرب يتحدّث عن فترة زمنية محدّدة وأفضل طريقة لي لكي أوصل المشروع هي باعتماد عملية طباعة الصور باللون المائل الى الأزرق (cyanotype) لأنّ اللون الأزرق يساعدني في هذا المشروع. لكن لم ينطبق الأمر عينه على مشروع “بيت أمي لولوه” الذي يندرج أيضاً ضمن مشاريع “توثيق”، فقد قرّرت أن أقاربه باعتماد وسيلة أخرى لنفح الحياة فيه. فارتأيت أنّ التقاط صور رقمية وصور لوجوه أشخاص حقيقيين هو الطريقة الأنسب لإنجاز هذا المشروع. فعبر اللجوء إلى تصوير الوجوه، أبقيت الصور بسيطة وبعيدة عن الطابع الرسمي الذي يتّسم به التقاط صور “العائلة” ولا سيّما الأطفال. فأنا أعمل مع أشخاص تربطني أصلاً علاقة بهم، أيأفراد عائلتي وأصدقائي، فأحادثهم لكي ينسوا أمر الكاميرا وبيئة الأستوديو، وذلك من أجل التقاط جوهر إعادة إحياء المنزل، سواء أكان الشخص يتكلّم أم كان الأطفال يلعبون. فقد أحببت الفكرة بأنّ صورة الوجه ستتّسم بالبساطة. واخترت استخدام كاميرا رقمية وأصدرت صور الوجوه لإيصال الرسالة الجوهرية التي يتحلّ بها مفهومي لهذا المنزل، ألا وهو إعادة إحيائه.

مريم حسن آل ثاني:

هل يصعب العثور على أشخاص في الدوحة يرغبون في المشاركة وفي التقاط صور لوجوههم ونشرها؟ هل من أمور محدّدة أردتِ القيام بها لكن عجزتِ عن ذلك؟

مشاعل الحجازي:

في البداية كان من الصعب عليّ العثور على أشخاص لأنّني أردت عائلة قطرية واحدة لكي تُظهر إلى حدّ ما القرابة والشبه في الشكل في الفيلم. وكان من الصعب إقناعهم. طبعاً كان أسهل الأمور الاستعانة بعارضين محترفين لألتقط صورهم، لكنني أردت الابتعاد عن هذا الأمر والعمل مع عائلات حقيقية أعضاؤها ليسوا من العارضين ولا علاقة لهم بمجال التصوير الفوتوغرافي، وتطلّب إقناعهم بعض الوقت. كذلك، عندما شرعت بالمشروع كان العمل في خضمّ الجائحة، لذا كان الأمر صعباً لأنهم كانوا يخشَون مغادرة المنزل مع أولادهم والكبار في السنّ لينضمّوا إليّ في الاستوديو، فكدت أعود إلى فكرة الاستعانة بعارضين. لكنّني ثابرت، ولحسن الحظّ، مع بعض الإقناع والطراوة، تمكّنت من إقناع الأشخاص الذين اخترتهم لموضوع التصوير. فكنت أدعهم يختارون الزمان فأذهب إلى الاستوديو باكراً للتحضير للتصوير حتّ يكون كلّ شيء جاهزاً ولن يضطرّوا إلى الانتظار أو يشعروا بالممل متى وصلوا. ولحسن الحظّ تعاونوا معي، وعندما علِم الأقارب والأصدقاء بمشروعي راحوا يطرحون عليّ أسماء ويطلبون منّ تصوير أولادهم. وبعدما عانيت لأجد أشخاصاً أصوّرهم في أغسطس٢٠٢٠ وصلت إلى مرحلة في نوفمبر٢٠٢٠ كان عليّ أن أرفض استقبال المزيد من الناس بسبب الأعداد الكبيرة التي تواصلت معي. فكنت أعتذر منهم بالقول: “شكراً فقد أتممت المشروع، لكن أستطيع أن ألتقط صوراً شخصية لكم ما دام الاستوديو في محطة الإطفاء ما زال قائماً”. لقد بدأ المشروع محفوفاً بالصعوبات لكن لحسن الحظ أخذت الأمور تهون.

مريم حسن آل ثاني:

لهو من الجميل أن نرى الثقة التي يمنحك إيّاها الأشخاص موضوع التصوير، فهذا أمر صعب جدّاً هنا.

مشاعل الحجازي:

خصوصاً مع عملية إبراز شخصية “أمي لولوه” الذي سمّي المنزل تيمنّاً بها. من المعروف أنّ النساء القطريات يحافظن على خصوصيتهنّ ويبتعدن عن الكاميرات، ولما كنّ ليقبلن بعرض صورهنّ في مهرجان. فكان الموضوع صعباً جداً لكنني تمكّنت من إقناعها لحسن الحظ.

فلم أرغب في أن يعكس عملي الحزن، بل أردت أن يعكس عاملاً مهماً في حياة كلّ قطري عاش في تلك الأزمان، لكن من خلال طريقة فنّية بسيطة لتشكّل تذكاراً للجيل المقبل.

– مشاعل الحجازي

مريم حسن آل ثاني:

هل غيّت الجائحة الطريقة التي تقاربين بها المشروع كمصوّرة فوتوغرافية؟ هل غيّ هذا الوقت نظرتك أو أسلوبك في عرض هذا المشروع، خصوصاً أنّك تدعين ذكرياتك توجّهك في عملية التوثيق؟

مشاعل الحجازي:

لا شكّ في أنّها أثرّت فيّ كشخص وكمصوّرة فوتوغرافية، ولا سيّما في البداية عندما عرفت أنّه تمّ اختياري للمشاركة في الاحتفال، إذ كان لدي الكثير من الأفكار الضخمة حول أنواع التصوير الفوتوغرافي والطباعة. فلم يكن لطموحي حدودٌ، لكن حتّ الطباعة التي أردتها لم تكن متاحة هنا [في قطر]، فكان عليّ السفرخارج البلاد للإشراف على الطباعة. ثمّ حلّت الجائحة وتمّ تطبيق الكثير من القيود في البلد شأنها شأن الكثير من الدول الأخرى التي لجأت إلى الإغلاق ولم يعد السفر ممكناً. فبدأت بالشعور باليأس والهزيمة لأنني لن أستطيع تحقيق أهدافي وبلوغ معاييري. فعندما أنوي عرض عملي رقمياً، أرغب في عرضه بأعلى درجة من النوعية. وفي الوقت عينه، كنت لا أزال جزءاً من مبادرة الإقامة الفنّية في محطة الإطفاء، مع أنّ التحدّي كان صعباً من ناحية العثور على المواد، من أوراق وألوان ومواد كيميائية، فكانت كل الموارد في طور الاختفاء. بالتالي، كان عليّ إما الانسحاب من هذه المشاريع أو المتابعة بدون الشعور بالرضى الكبير عن عملي. وقد غدا العمل بالموارد المحدودة المتاحة تحدياً فعلياً. ومع ذلك، تمكّنت من إتمام رحلتي الفنّية. فقد أحببت طابع التحدي التي يتّسم به العمل في فترة جائحة. وسبّبت جائحة فيروس كورونا المستجدّ الكثير من الإجهاد لأنّ صحّة الجميع العقلية كانت قيد الاختبار، لذا حاولت تحويل السلبية إلى أمر يمكنني العمل معه وركّزت على إنهاء المشروع. وتمكّنت من القيام بذلك من خلال مشروع إقامتي الفنّية، وأنا حتّ الآن فخورة للغاية به ولا أريد أن أغيّ شيئاً فيه. وينطبق الأمر نفسه على مشروع “منزل أمي لولوه”، فكان أمامي خياران، إما الانسحاب أم المتابعة بموارد محدودة. ولم أرغب في الانسحاب من هذا المشروع لأنّه مهمّ لي وأعمل عليه منذ سنوات لكي أعيد إحياء موقع تراثي أصيل وأعرض عملي فيه. فصبيّت تركيزي على العمل بما هو متاح لي لكن بأفضل نوعية يمكنني تقديمها مع المحافظة على البساطة في الوقت عينه. وتعيّنت عليّ مراجعة مخططاتي وأفكاري للمشاريع وشرعت في العمل محلّياً، وكان من الصعب العمل بشكل طبيعي مع التباعد الاجتماعي الذي فرضته الجائحة. فكان علينا بذل المزيد من الجهد لأنّ أيام العمل باتت أطول. لكنّه كان تحدياً جيّداً. وتمكّنت من إتمام قسم كبير من المشروع في خضمّ الجائحة. وبحلول نهاية العام٢٠٢٠ ، أصبح لدي المزيد من المرونة في عملي لأنّه تمّ تخفيف القيود. وبحلول ذلك الوقت، تمكّنت من تحقيق استقرار في عملي باستعمال الموارد المحلّية، إذا أردت أن يكون مشروعي محلياً بأكمله، وأردت أن تبرز هذه البساطة.

مريم حسن آل ثاني:

كمصوّرة فوتوغرافية، هل تجدين صعوبة في العثور على طابعات للفنون الجميلة في الدوحة عوضاً عن السفر إلى الخارج للقيام بذلك؟

مشاعل الحجازي:

عندما يكون المرء شغوفاً حيال أمر ما، سيجد طرقاً مختلفة لتحقيق هدفه. فالتصوير الفوتوغرافي التناظري، مع الكاميرات التقنية، سواء أتمحورت المسألة حول الكاميرا بحدّ ذاتها أم حول الأفلام، ليس أمراً مستخدماً بكثرة في يومنا الحالي، لكنّه لم يختفِ نهائياً. وكما قلت، في العالم الرقمي، أردت أن أعثر على مسار فريد لجعل عملي مميزاً. لذا أردت اعتماد التصوير الفوتوغرافي التناظري والأفلام والطباعة القديمة الأسلوب، وهذا أمر نادر في الدوحة. ولكانت الموارد الدولية لتساعد كثيراً لكنّني تمكّنت من تدبير أموري. فكان من الأسهل استيرادها مع أنّها كيميائية، لكنّها ما زالت هنا في الدوحة. وما يميّ طباعة الأفلام أنّه عندما يتعلّم الشخص الخطوات اللازمة لتظهير الصور، يمكنه القيام بذلك بنفسه، وبالتالي تنتفي الحاجة إلى المساعدة الخارجية. وأنا تمكّنت من تعلّم ذلك وعثرت على مكان قادر على طباعة الصور في الدوحة.

مريم حسن آل ثاني:

أريد أن أسألك عن الأماكن التي تعودين إليها في المناطق التي توثّقينها. هل تشعرين بمسؤولية كفنّانة لإعادة إحياء طفولتك ونفح الحياة فيها؟ أود أن أعرف إن كنت تعتقدين أنّ المكان هو الذي تغيّ أم أنّ مقاربتك كمصوّرة فوتوغرافية اختلفت؟

مشاعل الحجازي:

لقد ترعرعت في منطقة مشيرب بالتحديد وهي تشكّل جزءاً من طفولتي. وعندما عدت لزيارتها منذ ستّ سنوات بعد مرور فترة طويلة، كنت أبحث عن منزل جدّي، لكنّهم كانوا قد رمّموا المنطقة ودمّروا البنيان القديم. فشعرت وكأن حزن ماضيّ والتغيير الذي طال المنطقة قد تمكّنا مني، لذا أردت التركيزعلى هذا الأمر وأسلّط الضوء عليه. بالتالي، قررت العودة حاملة كاميرات تقنية وكأنّني أقول إنّني أعود إلى طفولتي من خلال فنّ. أردت اللجوء إلى التصوير الفوتوغرافي الكلاسيكي، والموقع والذكريات ساعدتني بالتأكيد. واعتمدت التصوير المائل إلى اللون الأزرق وكأنّني أعود إلى بدايات هذا المشروع. وقد اخترت تقنية التصوير باللون المائل إلى الأزرق بسبب اللمسات الزرقاء. فاللون الأزرق عنصر مساعد جداً فهو يعكس الشعور الممتع الذي شعرت به عندما رجعت بعد أن غادر الناس الذين أعرفهم. فلم أرغب في أن يعكس عملي الحزن، بل أردت أن يعكس عاملاً مهماً في حياة كلّ قطري عاش في تلك الأزمان، لكن من خلال طريقة فنّية بسيطة لتشكّل تذكاراً للجيل المقبل. إنّها دعوة لإعادة إحياء ثقافتنا وتراثنا. فقد أردت اعتماد أي تقنية أو تقنية طباعة تساعدني على توصيل الرسالة، على غرار الطباعة المائلة إلى الأزرق مثلاً، أو حتّى عملية الطباعة الرقمية مثل تلك التي استخدمتها لمشروع “بيت أمي لولوه”. فأنا أشجّع دائماً المصورين الفوتوغرافيين والفنّانين على التركيز على مشاريعهم بأدنى تفاصيلها من بدايتها إلى نهايتها، من التفاصيل في المعدات والتقنيات إلى الهدف النهائي للمشروع. ويساعد ذلك أفكارهم على النمو وعلى توليد الأفكار لمشاريع أخرى. وأركّز أنا الآن على الأحياء القديمة وتسليط ضوء جديد عليها وعلى المحافظة على هذا الموقع التراثي.

تحميل ملف الـPDF