سارة فوريام:
قبل أن ننتقل للكلام على معرض “التنوّع في الرؤى: التصويرالفوتوغرافي بين الفن والأزياء”، أعتقد أنّه من المهم جدّاً أن نفهم رحلتك فيي هذا المجال، ولا سيّما للشباب المبدعين السود الذين شاهدوا هذا المعرض المهم أو سيشاهدونه. أنت كاتب وناقد وأمين معارض مستقل. أخبرنا المزيد عن مسيرتك التي أوصلتك إلى هنا.
أنطوان سارجنت:
بدأت منذ عشر سنوات بالكتابة عن أترابي الفنّانين الذين يعيشون هنا في نيويورك والذين كانوا يرفعون الصوت حيال مخاوفهم في المدينة، فكتبت عن فنّانين مثل آول أيرزكو الذي تطرقت إليه في الكتاب. فقد كنت منذهلاً للغاية بوجهات نظرهم إزاء أنواع الوسائط التي كانوا يستخدمونها ومسائل العرق والهوية والرغبة أيضاً. فرحت أتردّد باستمرار إلى استوديوهاتهم وأكتب عن أعمالهم. ومن خلال هذه العملية تعمّق فهمي للإنتاج الفنّ لدى السود، وتعمّق بشكل خاص فهمي لوجهة نظر هذا الجيل إزاء الفنّ. وحثّتني الكتابة لأصبح أمين معرض. فلطالما قلت إنّ عمل الأمانة هي كتابة باستعمال الأغراض، وأعتقد أنه متى كتبت عن عدد كبير من الفنّانين المختلفين، يتّجه العقل بشكل طبيعي نحو وضع الأغراض في الفضاء بحد ذاته. لقد مرّت عشر سنوات منذ أن بدأت الكتابة ودخلت عالم الفن، لكنني لا أتوقّف عن الاستكشاف. وقد حصّلت دراستي في الفنون في استوديوهات الفنانين وفي صالات متاحف الفنون ومن خلال فضول دائم بمعرفة المزيد.
سارة فوريام:
لقد ذكرت قبلاً أنّ “الفنّانين باتوا يعملون في سياقات مختلفة ويفكّرون بطرق مختلفة”. ويأتي المصوّرون الفوتوغرافيون من خلفيات جغرافية متعددة في ما يتعلق بالوسائط ولكنّهم يأتون أيضاً من مراحل مختلفة من مسيرتهم المهنية. ما كانت الفكرة خلف جمع كلّ صانعي الصور هؤلاء لتأسيس“التنوّع في الرؤى” ؟
أنطوان سارجنت:
جلّ ما في الأمر أنّني رأيت هؤلاء المصوّرين يفكّرون في الإمكانات التي تتحلّ بها الصورة بطريقة مختلفة. العامل المشترك الذي يمكنني إبرازه بين الاختلافات الظاهرة في نشاطاتهم كان فهماً أو فضولاً أو تقديراً حقيقياً للطرق التي تتداخل فيها طريقة اللبس وإظهار الذات والموضة في تاريخ صور الوجوه لأشخاص سود. وعلى الرغم من أنّ بعضهم يعمل في لاغوس وآخرين في لوس أنجلوس وغيرهم في لندن أو جنوب أفريقيا أو نيويورك، كان العامل المشترك إخلاصَهم لاستكشاف تاريخ التصوير الفوتوغرافي من خلال هذه المفاهيم المعاصرة عن إظهار الذات والأسلوب. ومن خلال الجمع بينهم، تبيّن لي أنّ معظمهم من الشباب، فلا أعتقد أنّ أحداً منهم يتخطّى منتصف الثلاثينيات، وبالتالي ما زالوا كلّهم برأيي في بدايات مسيرتهم المهنية، وهذا أمر مهم، لأنّ الطريقة التي وصلوا فيها إلى مجال التصوير الفوتوغرافي في الكثير من الأحيان هي عبر سياق معاصر.
فقد وصل الكثير منهم إلى التصوير الفوتوغرافي عبر استعمال الإنترنت، من خلال تامبلر أو تويتر أو إنستغرام أو كاميرا الهاتف المحمول. ونرى هذه التكنولوجيا في الطرق التي يُنشئون فيها الصور، وهذا أمر من المهم لفت الانتباه إليه أيضاً. فيمكن فهم التصوير الفوتوغرافيي في ناحية من النواحي على أنّه تطوّر التكنولوجيا. فمع تقدّم التكنولوجيا تحسّنت الكاميرات. ومع دخولنا عصر المنصّات الرقمية والتواصل الاجتماعي والكاميرات التي تتّسع في الجيب، تغيّت علاقتنا بالصور. وهؤلاء المصوّرون الفوتوغرافيون هم الجيل الأوّل من صانعي صور يتعاملون مع هذا الواقع الجديد. وأعتقد أنّ هذا أيضاً عامل مشترك في المعرض وفي الكتاب، ألا وهو الطرق التي أنشأ فيها هؤلاء المصوّرون جماهيرهم الخاصة وأعربوا عن مخاوفهم في البداية خارج المجلات والمتاحف التقليدية، مما منحهم حيّاً من الحرّية لصنع الصور انطلاقاً من مجال مجتمعهم.
سارة فوريام:
تاريخ تمثيل منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا نقاش جارٍ على مرّ الزمن وما زال مستمرّاً بقوّة. وقد طلب القيّمون على مهرجان تصوير عمداً أن تتمّ الإشارة إلى عبارة “الشرق الأوسط” بغرب آسيا وشمال أفريقيا. لطالما كان التصويرالفوتوغرافي في طليعة رسم معالم الطريقة التي تتمّ من خلالها رؤية المنطقة وثقافتها وتنوّع شعوبها وتغييبها أيضاً. ما الأفكار التي جالت في بالك عندما عرفت باحتمال استضافة هذا المعرض هنا في هذه المنطقة؟
أنطوان سارجنت:
تؤدّي الكاميرا دوراً في الطريقة التي نرى فيها كلّ شيء وفي الطريقة التي نرى فيها الجميع. وفي ما يخصّ معرض “ التنوّع في الرؤى “ بالتحديد، ما نتحدّث عنه هو إعادة تصوّر لون البشرة السوداء من خلال جيل جديد. فإن فكّرنا في بعض الصور الأنثروبولوجية التاريخية التي سيطرت على المخيّلة في ما يتعلّق بغرب آسيا وشمال أفريقيا، فهذا أمر حصل في أرجاء العالم أيضاً، وفي أمريكا وأوروبا. لذا أعتقد أنّ هذا المعرض هو طريقة لنب يّ أن الأشخاص الذين تمّ التقاط صورلهم عادةً أو تاريخياً هم الآن مَن يلتقط الصور. فهم يحاربون التصوير الفوتوغرافي بالتصوير الفوتوغرافي. وإقامة معرض في غرب آسيا يسمح لنا بإجراء هذا الحوار من أجل تعميق فهمنا لفكرة أنّ الصور هي إنشاءات للرغبة وإنشاءات للجمال، وهذا الأمر ليس الحقيقة بالضرورة لكنّه وجهة نظر يجدر أخذها بعين الاعتبار. لذا تمكُّننا من عرض “ التنوّع في الرؤى “ في هذا السياق يخوّلنا إجراء هذا النوع من النقاشات في سياق محلّ ويخوّلنا معالجة أسئلة مثل الدور الذي يؤدّيه التصوير الفوتوغرافي في غرب آسيا وشمال أفريقيا. ويتطرّق معرض كهذا أيضاً بشكل أشمل إلى تاريخ صناعة الصور الذي منح الناس القوّة وأفقدهم إيّاها. ففي معرض “التنوّع في الرؤى “، نجد أنّ المصوّرين الفوتوغرافيين يفكّرون في طريقة يستطيعون من خلالها استعمال الكاميرا للتعبير عن رغباتهم الفردية قبل أيّ أمر آخر.