None
مقابلة

التنوّع في الرؤى: أنطوان سارجنت

أجرت سارة فوريام مقابلة مع أنطوان سارجنت بالتزامن مع معرض تصوير ٢٠٢١ التنوّع في الرؤى: التصوير الفوتوغرافي بين الفن والأزياء.

المشاركة مع صديق

سارة فوريام:

قبل أن ننتقل للكلام على معرض “التنوّع في الرؤى: التصويرالفوتوغرافي بين الفن والأزياء”، أعتقد أنّه من المهم جدّاً أن نفهم رحلتك فيي هذا المجال، ولا سيّما للشباب المبدعين السود الذين شاهدوا هذا المعرض المهم أو سيشاهدونه. أنت كاتب وناقد وأمين معارض مستقل. أخبرنا المزيد عن مسيرتك التي أوصلتك إلى هنا.

أنطوان سارجنت:

بدأت منذ عشر سنوات بالكتابة عن أترابي الفنّانين الذين يعيشون هنا في نيويورك والذين كانوا يرفعون الصوت حيال مخاوفهم في المدينة، فكتبت عن فنّانين مثل آول أيرزكو الذي تطرقت إليه في الكتاب. فقد كنت منذهلاً للغاية بوجهات نظرهم إزاء أنواع الوسائط التي كانوا يستخدمونها ومسائل العرق والهوية والرغبة أيضاً. فرحت أتردّد باستمرار إلى استوديوهاتهم وأكتب عن أعمالهم. ومن خلال هذه العملية تعمّق فهمي للإنتاج الفنّ لدى السود، وتعمّق بشكل خاص فهمي لوجهة نظر هذا الجيل إزاء الفنّ. وحثّتني الكتابة لأصبح أمين معرض. فلطالما قلت إنّ عمل الأمانة هي كتابة باستعمال الأغراض، وأعتقد أنه متى كتبت عن عدد كبير من الفنّانين المختلفين، يتّجه العقل بشكل طبيعي نحو وضع الأغراض في الفضاء بحد ذاته. لقد مرّت عشر سنوات منذ أن بدأت الكتابة ودخلت عالم الفن، لكنني لا أتوقّف عن الاستكشاف. وقد حصّلت دراستي في الفنون في استوديوهات الفنانين وفي صالات متاحف الفنون ومن خلال فضول دائم بمعرفة المزيد.

سارة فوريام:

لقد ذكرت قبلاً أنّ “الفنّانين باتوا يعملون في سياقات مختلفة ويفكّرون بطرق مختلفة”. ويأتي المصوّرون الفوتوغرافيون من خلفيات جغرافية متعددة في ما يتعلق بالوسائط ولكنّهم يأتون أيضاً من مراحل مختلفة من مسيرتهم المهنية. ما كانت الفكرة خلف جمع كلّ صانعي الصور هؤلاء لتأسيس“التنوّع في الرؤى” ؟

أنطوان سارجنت:

جلّ ما في الأمر أنّني رأيت هؤلاء المصوّرين يفكّرون في الإمكانات التي تتحلّ بها الصورة بطريقة مختلفة. العامل المشترك الذي يمكنني إبرازه بين الاختلافات الظاهرة في نشاطاتهم كان فهماً أو فضولاً أو تقديراً حقيقياً للطرق التي تتداخل فيها طريقة اللبس وإظهار الذات والموضة في تاريخ صور الوجوه لأشخاص سود. وعلى الرغم من أنّ بعضهم يعمل في لاغوس وآخرين في لوس أنجلوس وغيرهم في لندن أو جنوب أفريقيا أو نيويورك، كان العامل المشترك إخلاصَهم لاستكشاف تاريخ التصوير الفوتوغرافي من خلال هذه المفاهيم المعاصرة عن إظهار الذات والأسلوب. ومن خلال الجمع بينهم، تبيّن لي أنّ معظمهم من الشباب، فلا أعتقد أنّ أحداً منهم يتخطّى منتصف الثلاثينيات، وبالتالي ما زالوا كلّهم برأيي في بدايات مسيرتهم المهنية، وهذا أمر مهم، لأنّ الطريقة التي وصلوا فيها إلى مجال التصوير الفوتوغرافي في الكثير من الأحيان هي عبر سياق معاصر.

فقد وصل الكثير منهم إلى التصوير الفوتوغرافي عبر استعمال الإنترنت، من خلال تامبلر أو تويتر أو إنستغرام أو كاميرا الهاتف المحمول. ونرى هذه التكنولوجيا في الطرق التي يُنشئون فيها الصور، وهذا أمر من المهم لفت الانتباه إليه أيضاً. فيمكن فهم التصوير الفوتوغرافيي في ناحية من النواحي على أنّه تطوّر التكنولوجيا. فمع تقدّم التكنولوجيا تحسّنت الكاميرات. ومع دخولنا عصر المنصّات الرقمية والتواصل الاجتماعي والكاميرات التي تتّسع في الجيب، تغيّت علاقتنا بالصور. وهؤلاء المصوّرون الفوتوغرافيون هم الجيل الأوّل من صانعي صور يتعاملون مع هذا الواقع الجديد. وأعتقد أنّ هذا أيضاً عامل مشترك في المعرض وفي الكتاب، ألا وهو الطرق التي أنشأ فيها هؤلاء المصوّرون جماهيرهم الخاصة وأعربوا عن مخاوفهم في البداية خارج المجلات والمتاحف التقليدية، مما منحهم حيّاً من الحرّية لصنع الصور انطلاقاً من مجال مجتمعهم.

سارة فوريام:

تاريخ تمثيل منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا نقاش جارٍ على مرّ الزمن وما زال مستمرّاً بقوّة. وقد طلب القيّمون على مهرجان تصوير عمداً أن تتمّ الإشارة إلى عبارة “الشرق الأوسط” بغرب آسيا وشمال أفريقيا. لطالما كان التصويرالفوتوغرافي في طليعة رسم معالم الطريقة التي تتمّ من خلالها رؤية المنطقة وثقافتها وتنوّع شعوبها وتغييبها أيضاً. ما الأفكار التي جالت في بالك عندما عرفت باحتمال استضافة هذا المعرض هنا في هذه المنطقة؟

أنطوان سارجنت:

تؤدّي الكاميرا دوراً في الطريقة التي نرى فيها كلّ شيء وفي الطريقة التي نرى فيها الجميع. وفي ما يخصّ معرض “ التنوّع في الرؤى “ بالتحديد، ما نتحدّث عنه هو إعادة تصوّر لون البشرة السوداء من خلال جيل جديد. فإن فكّرنا في بعض الصور الأنثروبولوجية التاريخية التي سيطرت على المخيّلة في ما يتعلّق بغرب آسيا وشمال أفريقيا، فهذا أمر حصل في أرجاء العالم أيضاً، وفي أمريكا وأوروبا. لذا أعتقد أنّ هذا المعرض هو طريقة لنب يّ أن الأشخاص الذين تمّ التقاط صورلهم عادةً أو تاريخياً هم الآن مَن يلتقط الصور. فهم يحاربون التصوير الفوتوغرافي بالتصوير الفوتوغرافي. وإقامة معرض في غرب آسيا يسمح لنا بإجراء هذا الحوار من أجل تعميق فهمنا لفكرة أنّ الصور هي إنشاءات للرغبة وإنشاءات للجمال، وهذا الأمر ليس الحقيقة بالضرورة لكنّه وجهة نظر يجدر أخذها بعين الاعتبار. لذا تمكُّننا من عرض “ التنوّع في الرؤى “ في هذا السياق يخوّلنا إجراء هذا النوع من النقاشات في سياق محلّ ويخوّلنا معالجة أسئلة مثل الدور الذي يؤدّيه التصوير الفوتوغرافي في غرب آسيا وشمال أفريقيا. ويتطرّق معرض كهذا أيضاً بشكل أشمل إلى تاريخ صناعة الصور الذي منح الناس القوّة وأفقدهم إيّاها. ففي معرض “التنوّع في الرؤى “، نجد أنّ المصوّرين الفوتوغرافيين يفكّرون في طريقة يستطيعون من خلالها استعمال الكاميرا للتعبير عن رغباتهم الفردية قبل أيّ أمر آخر.

تؤدّي الكاميرا دوراً في الطريقة التي نرى فيها كلّ شيء وفي الطريقة التي نرى فيها الجميع. وفي ما يخصّ معرض “ التنوّع في الرؤى “ بالتحديد، ما نتحدّث عنه هو إعادة تصوّر لون البشرة السوداء من خلال جيل جديد.

– أنطوان سارجنت

سارة فوريام:

في أرجاء غرب آسيا وشمال أفريقيا، يعمد عدد من صانعي الصور ومصمّميها، رجالاً ونساء، إلى تحدّي ماهية الموضة وصناعة الصور والطريقة التي يريدون فيها تأطير سردياتهم وإلى إجراء التجارب في هذا المجال. وكانت مشاهدة مجال الموضة في الدوحة ينمو ويكبر ملفتةً للغاية، ويتواصل الكثير من المصمّمين وصانعي الصور بشكل فاعل مع الموضة والفنون والتصوير الفوتوغرافي. من أين ينبع اهتمامك الشخصي بالموضة والتصوير الفوتوغرافي؟

أنطوان سارجنت:

ينبع اهتمامي الشخصي من الترعرع في كنف أسرة حظيت فيها الموضة بأهمّية كبيرة. وعلى الصعيد المهني، يتمحور اهتمامي بشكل خاص بالتصويرالفوتوغرافي والموضة والتقاطعات بينهما لأنها تشكّل طرق التعبير الأكثر ديمقراطية عن هويّتنا. فالكلّ يحمل كاميرا في جيبه، والكلّ تقريباً يستيقظ صباحاً ويرتدي ثيابه. بالتالي، الكلّ منخرط بهذَين الوسيطين بشكل يومي تقريباً. لذا أردت أن أقيم معرضاً وأفكّر في كتاب وفنّانين يتعاطون مع أوسع قدر ممكن من الجماهير. ومن خلال الموضة والتصوير الفوتوغرافي نحظى بهذا التواصل والتعاطي. ففي هذه المواضيع ترابطٌ يستطيع الجميع فهمه. فالكلّ يتعاطى الموضة، وهذه الصور التي نراها والأجسام التي نراها مرتدية ثياباً تقول الكثير من الكلام عن القوّة وعن الرغبات وعن هويّتنا. من هذا المنطلق، أردت أن أحرص على أن يتوجّه هذا الكتاب الأول عن التصوير الفوتوغرافي إلى أكبر عدد ممكن من الجماهير.

سارة فوريام:

أصبح عدد من قنوات التواصل الاجتماعي مجالاً رقمياً يكوّن فيه صانعو الصور السود والمبدعون في الموضة مجالاً خاصاً بهم، فيتشاركون أعمالهم وينشرونها ويتعاونون ويصبحون أمناء على معارض ويتواصلون. ويُعزى ذلك في الجزء الأكبر منه إلى الإهمال والعوائق المؤسّساتية. لكننا رأينا تحوّلاً ملفتاً على مدى السنوات في طريقة توزيع التصوير الفوتوغرافي المخصّص للموضة ونشره في وسائل الإعلام الشائعة، فقد أصبحت شاملة بشكل متزايد. ما آراؤك حيال هذا الموضوع وكيف برأيك يبتكر بعض من صانعي الصور هؤلاء مجالات لنفسهم في عالم الإنترنت وخارجه؟

أنطوان سارجنت:

أنشأ عدد كبير من صانعي الصور هؤلاء جماهيرهم خارج نطاق المجلّت والمتاحف التقليدية. أعتقد أنّ هذا أمر يجدر لفت النظر إليه لأنّ هذه المجالات المؤسّساتية لم تكن متاحة قبلاً. فكان حرّاس المداخل المؤسّساتيون يحاولون إجمالاً إبقاءهم خارج الحوارات الجارية عن التصوير الفوتوغرافي وعن الموضة، فقرّر هؤلاء المصوّرون الفوتوغرافيون أنّهم يريدون أن يصبح صوتهم مسموعاً، فبدأوا برفع الصوت على وسائل التواصل الاجتماعي عبر إنستغرام وتويتر وتامبلر والهواتف في جيوبهم. وبدأوا لاحقاً بنشر كتبهم ومجلاتهم الخاصة. فبدأوا فعلاً يتحدّون الوضع القائم ووجهات النظر المؤسساتية بشكلٍ سمح لهم بالقول إنّهم ينتمون هنا. أعتقد أنّ التحدّي كبر لدرجة أنّ المتاحف والمجلات لم تعد قادرة على تجاهل أصواتهم تحت طائلة الخروج من دوائر النقاش وفقدان أهمّيتها. لقد غيّوا النقاش في الكثير من الطرق وأنشأوا النقاش المعاصر بشأن صناعة الصور التي كان لها تأثير في المجالات التقليدية مثل المتاحف والمجلات.

سارة فوريام:

لم أشعر بهذا القدر من الحماس منذ أن أقام أل أناتسوي معرضأً في الدوحة في العام ٢٠١٩ . وحسب علمي، كان أول فنّان من دولة أفريقية (ولد في أنياكو، غانا، ويقيم في نسوكا، نيجريا) يقيم عرضاً عن الذاكرة في الدوحة، وكانت لهذا الأمر أهمّيةٌ كبيرة لي على المستويين الشخصي والمهني. فقد فتح المجال لنقاشات في أوساطي حول الشخص الأفريقي والأسود البشرة الذي يعيش في الشرق الأوسط وحول التمثيل في أرجاء العالم وحول الموضة أيضاً. والآن أصبح معرض “التنوّع في الرؤى” في الدوحة، وهو يفتتح نقاشات عن الموضة والفنون والتصوير الفوتوغرافي وتمثيل أجسام السود وحياتهم. ما هو نوع النقاشات التي تأمل بأن يطلقها افتتاح المعرض في الدوحة؟

أنطوان سارجنت:

ما أوّده بعد أن يرى الناس المعرض ويرون الطرق التي يبتكر فيها هؤلاء الفنّانون هو أن يفكّروا كيف يمكن تطبيق الدروس المستخلصة من الصورعلى المجتمعات المحلّية في الدوحة. أعتقد أنّ كل واحدة من هذه الصور تعمل في سياقات مختلفة تماماً حول العالم. وما دافعوا عنه وقالوه هو أنّ أفراد مجتمعاتهم يستحقون أن يراهم الناس. ورؤية جمال هذه المجتمعات أمر مستحقّ، شأنه شأن رغبات هذه المجتمعات. وأعتقد أنّه إن دفعنا المجتمعات في العالم وفي الدوحة على التفكير في صورة تمثّل الجمال وصورة تمثّل الرغبة وصورة تمثل التمثيل في سياق محلّ، أعتقد أنّ كلّ واحد منا سيفكّر في صورة مختلفة تماماً، وهذه الصورة المختلفة ستسمح لنا برؤية الغنى والتميّز اللذين يتّسم بهما كل مجتمع من المجتمعات.

وآمل أن تكون إقامة معرض “التنوّع في الرؤى” في الدوحة طريقة لتسلّط الضوء على الطرق التي يمكن من خلالها مشاهدة التصوير الفوتوغرافي والإبداع وابتكاره في سياق محلّي. ولأنّ هذا هو ما يقوم به كل واحد من هؤلاء المصورّين الفوتوغرافيين، جمعتهم معاً. لكن إن فكّرنا فيهم على صعيد فردي، يبتكر كلّ واحد منهم صوره الخاصة بطريقته الخاصة في مجتمعه الخاص. وأعتقد أنّه من مهمّ للفنون أن تكتسب هذه الصلات المحلّية. فهي طريقة لسرد قصة ناس يعيشون في مجتمعات مختلفة وليس مجتمعاً واحداً. فقد أعطينا الأفضلية لنوع واحد من القصص، وما يقوم به هذا المعرض هو القول إنّ عدد القصص الرائعة التي ينبغي سردها أكبر بكثير.

تحميل ملف الـPDF