ففي هذه الحقبة التي تنطوي على مستوى غير مسبوق من الشفافية والتعايش بين المشاهدين والفنانين، يضطلع المصوِّرون المشاركون في هذا المعرض بدور رائد في مقاربة حيوية لفن التصوير الفوتوغرافي تتبنى المفهوم العالمي لالتقاط ونشرالصورة الرقمية الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية. كما نتعرّف من خلال أعمالهم على التبعات الفعلية للانخراط في هذه البيئة الإعلامية الجديدة، حيث خضع أصل ونهج وقراءة الصور الفوتوغرافية لتغييرات ثقافية يُمثِّل هذا المعرض دعوة لاستكشاف عوالمها التجريبية.
تصوير فوتوغرافي تجريبي
المعرض السابق
يُقدِّم معرض "تصوير فوتوغرافي تجريبي" إبداعات ستة فنانين أمريكيين معاصرين يُعيدون بلورة تاريخ يمتدّ لمئتي عام من التجريب في عالَم التصوير الفوتوغرافي، وذلك عبر طرح أفكار ومقاربات جديدة. تنطوي أساليبهم على الدمج بين الأنظمة الإلكترونية التناظرية القديمة والبرمجيات الرقمية الحديثة والتكنولوجيات الجديدة في مجال الطباعة وعرض الصور. ففي السياق الإبداعي المعاصِر، استحالت الكينونة المادية للصور الفوتوغرافية إلى تجربة متغيّرة على الدوام، بحيث تجاوز نطاقها الأبعاد المحدودة للممارسة الفنية بحد ذاتها، وأصبحت تُبحِر في عوالِم الإنترنت و’سحابة‘ الصور الشبكية. يمنح المعرض منبراً لطيفٍ منوّع من الأصوات الفاعلة والمتمايزة لفنانين يسعون لتحويل وترجمة الصور إلى أعمال ملموسة مُستغلِّين الإمكانيات التجريبية الكامنة في البيئة المحيطة بها.
“ أنا مهتمة بحياة الصور، وكيف تتشكّل كينونتها والدور الذي تضطلع به وتقادُمها مع الزمن، ومتى تصبح لغتها غير مفهومة. ورغم عدم استخدام الكاميرا لإعداد هذه الأعمال، إلا أنها تستند على أشياء حقيقية، وتتبنى لغة التصوير الفوتوغرافي في استخدامها للإضاءة وتغيير الحجم والقطع . أما الأوساخ والخدوش على سطح الأعمال فتستحضر الطبيعة المؤقتة للتصوير الفوتوغرافي، وتستدعي مستقبلاً يتلاشى فيه الشيء الحقيقي ويضمحلّ، بينما تتجمّد صورته. أنظرُ إلى هذه الأعمال باعتبارها متحرِّرة ومتخلِّصة من طغيان المستطيل والحالة المادية الدائمة، بحيث تطفو في ذلك الفضاء المرحلي المُبهَم. ”
“ أستقصي فكرة واجهة المُستخدِم فيما يتعلق بالتصوير الفوتوغرافي والتكنولوجيا والتحوّلات بين الأجيال. وبينما أقوم بتحريك الصور بسلاسة بين أساليب التصوير الفوتوغرافي التناظرية والرقمية، يتحدّى العمل – بمستوياته المختلفة – تصوّراتنا عما هو واقعي وما هو افتراضي. ”
“ في إطار نظام اجتماعي يوظِّف الصور لتقديم الكثير من المعلومات ذات الصلة بالثقافة، فإن الأشياء التي نتوق إليها غالباً ما تتجسِّد من خلال الصور الفوتوغرافية. ولا يقتصر الأمر على ذلك، فنظراً لأصل هذه الأشياء المتمثِّل بإعادة الإنتاج الميكانيكي، فإنها أيضاً تنتهج مسار الصور. والصور والأشياء تؤدي وظيفة منظومات تنقل أيديولوجيات ذات دوافع تجارية. ونظراً لذلك، تعتمد مثل هذه المنظومات بشكل كلي على السياق والبنية العامة وتصبح عرضة لتعطّل تام نتيجة أبسط تدخل. ”
“ لطالما اعتمد التصوير الفوتوغرافي على تقليد غبر ناجح لرؤية الإنسان. فالنظرة المتبناة والإطار المستطيل للصورة، يمكن استعماله – مثله مثل كل أشكال التمثيل الأخرى – كأداة سياسية تلبّي رغبات البعض بينما تتحكم بالبعض الآخر وتسبر أغوار الجميع. أحاول الذهاب إلى ما هو أبعد من اعتماد الكاميرا على خط واحد يبدأ من المصوِّر ليعبر أداة التصوير وصولاً إلى الشيء الذي يتم تصويره، بحيث أقوم بعملية تسجيل من كل الاتجاهات. الرؤية والتمثيل مرنان بشكل مدهش، وفي حال لم نتوصل إلى شكل محدَّد للرؤية، بوسعنا خلق شكل جديد ملائم لنمط الحياة السائد حالياً. ”
“ الطبقات غير المرئية للمعالَجة التي خضعت لها الصور وأسطحها الملساء والتحديثات البرمجية، كلها عوامل تتضافر لخلق حالة من ’الزوال‘ في نظرتنا الرأسمالية للعالَم. عندما تتفاعل يد الإنسان مع فلم تناظري، تحصل أخطاء حُكماً. ولربما الصور ليست ممتعة عندما تكون متبلورة ومثالية ومكتملة. هناك قيمة جوهرية في مواطن خلل البرمجيات والثغرات ضمن عالَم صور هائل غير قابل للاختراق نعمل فيه. ”
“ رغم بساطة الصور الفوتوغرافية، إلا أنه يكتنفها عالَم غير متجانس، فهي ثنائية وثلاثية الأبعاد، وتنطوي على حيّز سطحي وفضاء داخلي.. والصورة الفوتوغرافية تنطوي على مستوى تجريد أقل بكثير من الصورة العادية. ونتيجة لذلك، نجد نحن المشاهدين أنفسنا منهمكين في محاولة لفهم هذا التجريد والتصالُح مع العالَم الظاهر في الصورة. والمصوِّر الفوتوغرافي لا يقوم بتوثيق الحقائق، أو إعداد للتقارير، بل ينخرط في ممارسة بدأت منذ عدة قرون تسعى للاقتراب من العالَم. ”